القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا نحلُم.. وكيف يمكن للأحلام أن تشكل منفذاً داخل عقولنا؟

 


منذ القِدم حينما كانت الأحلام حاملة للنبوءات، حتى وصولنا للدراسات الحديثة للظواهر العصبية، لازالت الأحلام تشكل أحد أكثر الألغاز الشائكة في علم النفس، وعلى الرغم من أن العلماء لازالوا يبحثون عن أجوبة للأسئلة السابقة، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على نظريات تناقش ما يتعلق بالأحلام، والتي أصبحت معروفة ومقبولة. 

طبيعة الأحلام

يمكن تعريفها بأنها سلسلة من الأفكار والرؤى والمشاعر، فالأحلام تظهر عدة مرات في الليلة الواحدة أثناء النوم، بصفته عملية دورية، فهو يحدث على مدار خمسة مراحل، وكل واحدة منها تعزز الجسم وتساعده على تجديد ذاته. 

تتطابق آلية المراحل الأربعة ببساطة مع أسمائها، أما بالنسبة للمرحلة الخامسة فتدعى بمرحلة حركة العين السريعة أو ما يشار لها بـ(REM).

كما تشكّل هذه المرحلة 20 إلى 25% من أحلام البالغين.​

المرحلة الأولى: مرحلة النوم الخفيف تباطؤ النشاط العضلي وحدوث رعشات بين فترة وأخرى.

المرحلة الثانية: تباطؤ في نمط التنفس ومعدل ضربات القلب، وارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم.

المرحلة الثالثة: بداية النوم العميق يبدأ الدماغ بتوليد موجات بطيئة، وهي موجات دلتا.

المرحلة الرابعة: مرحلة النوم العميق تنفس متواتر، نشاط عضلي محدود ويصدر الدماغ موجات دلتا.

المرحلة الخامسة: مرحلة حركة العين السريعة، تصاعد التنفس مع تزايد الحركة وتسارع في موجات الدماغ، عندها تحدث الأحلام.

ووفقًا لمؤسسة النوم الوطنية تشغل مرحلة حركة العين السريعة أكبر حيز من وقت الأحلام، التي بحد ذاتها تستغرق بضع ثوانٍ حتى 30 دقيقة، ففي المتوسط يحلُم الشخص 4-6 مرات في الليلة الواحدة، ولكل ثمان ساعات من النوم، يحلم البالغون ساعتين منها.

بالإضافة لارتباط هذه المرحلة بالأحلام، فهي تشكل المدة التي يقضيها الجسم في معالجة المعلومات وصنع الذكريات ورفع نسبة المواد الكيميائية المستنفذة في الجسم، مثل السيروتونين، وعلى الرغم من اتّضاح ضرورة النوم منذ مدة طويلة، إلا أن الناس أدركوا أخيرا فائدة تأثير الأحلام على الجسم.

نظريات الأحلام الأربع

نتيجة دراسات القرنين السابقين عن أربع نظريات مقنعة عن الأحلام:

نظرية “سيغموند فرويد” وتحقيق الأمنيات

يُعد المحلل النفسي “سيغموند فرويد” أول من اقترح ارتباط الأحلام بتحقيق أغراض علمية، فكما صرحت الرابطة الأمريكية للتحليل النفسي، أن فرويد قد توصل إلى أن الأحلام هي أحد أشكال التعبير عن الحاجة لتحقيق الأمنيات، فأثناء الحُلم قد يتمثل موضوع ما لم يتمكن الحالِم من تحقيقه في الحياة الواقعية، ولكن بعض أنواع الأحلام قد خرجت عن هذا النموذج، كالأحلام التي تنطوي على أحد أشكال العقوبات أو التي تخلّف صدمات نفسية، مما أدى إلى اعتقاد فرويد بأنها طريقة تساعد المرضى على التعبير عن الشعور بالذنب أو حتى في التغلب على الصدمات.

إن كل هذه التخمينات أثّرت بشكل كبير في نظريته التي تنص على أن الأحلام ماهي إلا واحدة من ظواهر العقل اللاواعي، التي يتحكم بها العقل لتحقيق أغراض معينة.

نظرية “كارل يونغ” الأحلام تعبير عقلي مباشر

على الرغم من أن فرويد وكارل أصدقاء، إلا أن اختلاف آرائهم بخصوص طبيعة الأحلام كان جليًا ومعروفًا آنذاك، ففرويد يعتقد بأن طبيعة الأحلام تحمل معاني مبطنة، بينما يرى كارل أنها في الواقع تعبيرات مباشرة عن العقل بحد ذاته، فالأحلام في رأيه تعبر عن حالة اللاوعي للشخص في إطار لغة تتكون من رموزٍ وصور مجازية، فهذه اللغة تعد أمرًا طبيعيًا في حالة اللاوعي، ولكن نظرًا لاختلافها الشديد عن اللغة المتعارف عليها في الحياة الواقعية أصبح من الصعب فهمها، وأبرز اعتقاداته هي وجود نموذج أو صورة كونية متأصلة في حالة الإدراك عند جميع البشر، وأنها ضمن هذه اللغة.

وقد أشاد بأن الأحلام تؤدي وظيفتين تعويض اختلال اتزان نفسية الحالِم، وتشكيل صور مستقبلية تسمح له والتنبؤ بالأحداث القادمة.

حركة العين السريعة وتنشيط الأحلام.

وضح جو غريفين من مؤسسة “Human Givens”، بأن اكتشاف حركة العين السريعة تسبب في ظهور نظرية أخرى، وهي نظرية تنشيط الأحلام التي تبناها أساتذة هارفرد، آلان هوبسون وروبرت مكارلي في السبعينات، فقد اكتشف هوبسون ومكارلي أنه أثناء حركة العين السريعة توجد إشارات كهربائية تمر في الدماغ تدعى بالسجلات التخطيطية الكهربائية لموجات الدماغ. “EEGs”.

وقد فسّرا أن الدماغ يحاول استيعاب المحفّزات العشوائية كردة فعل طبيعية، فتحدث الأحلام نتيجة لنشاطه الطبيعي، مما يعني أن الأحلام ليس لها معنى ثابت، وقد أحدثت هذه النظرية ثورة في ذلك الوقت، ولكن تطور التكنولوجيا المستمر تسبب في إضافة تعديلات هائلة عليها.

نظرية محاكاة الخطر

فرض العالم النفسي الفنلندي “آنتي روفانزو” والذي يعد من أواخر الباحثين في هذا المجال نظرية مقنعة تتعلق بوظيفة الأحلام، فقد وجد أنه خلال حركة العين السريعة تتهيج اللوزة الدماغية (الجزء المسؤول عن حالات القتال والهرب)، كما تفعل أثناء حالة الخوف والأمان.

ووضح أن الوظيفة الأساسية للأحلام السلبية هي تهيئة الجسم لحالات مشابهة في الحياة الواقعية، مما يجعل من إدراكه لحالات الخطر وتفاديها أسرع وأكثر تلقائية في المواقف المماثلة،أو بمعنى آخر الأحلام ميزة تتطور مع الوقت لمساعدتنا في الحفاظ على سلامتنا.

تعليقات