القائمة الرئيسية

الصفحات

الجزء الأول من قصة 365 يوماً في الجحيم


 الجزء الأول من قصة 365 يوماً في الجحيم

#365

قبل أن أبدأ بسرد القصة، أريد منكم أن تعلموا أن هذه قصة حياتي وسأقصها عليكم من بدايتها ،  هذه القصة مليئة بالغرائب فلا يدهشكم أولها ، في بداية القصة عمري 20 عاما وشهر وثلاث أيام ،وفي نهاية القصة عمري 20 عاما وشهر وأربع أيام. 

ادعى يزن ، وأريد أن أخبركم بأهم أمر وهو أنني شخص لا يؤمن بالخرافات ولا بالقصص المخيفة التي تحكى للأطفال قبل خلودهم إلى النوم .

بالطبع أؤمن بوجود الجن والشياطين .. ولكن هل حقا هم يتركون مشاغلهم ليخيفونا فقط ؟

لا أظن ذلك ، بل أعتقد أنهم لم يتواصلو معنا منذ زمن بعيد ، وهذا ما جعل بعض أصدقائي من محبي تلك القصص يبغضونني ويكرهون مجالستي

فدائما ما أزعجهم ب “تفسيري العلمي” لقصصهم الخرافية و هو امر مزعج لهم حقا ولكن إطلاق الخرافات مزعج اكثر  . 

في الآونة الأخيرة اختلفنا كثيرا على مواضيع الكتب والروايات المسحورة ،  فمنهم من يقول أنه بعد قراءته للكتاب شعر بملاحقة الجن له ، ومنهم من أصبح يراهم في منامه ومنهم من صعبت عليه حياته ، حاولت كثيرا إقناعهم ولكنهم أصروا أن هذا كله حقيقي بل وطلبوا مني أن أقرأ معهم أحد الروايات وأنا كنت أجرأ من أن اقرأ تلك الرواية لأني فعلا لا أومن بهذا النوع من القصص فنظرت إليهم بسخرية وقلت بل ساقرأ اكثر كتاب مسحور على وجه الأرض 

 بدأت بعملية البحث عن طريق الانترنت لبعض الكتب المسحورة و كتب الشعوذة وقصص حقيقة لأشخاص من حولنا،  وحاولت أيضا البحث في الديب ويب ،  استغرق مني الأمر عدة ساعات إلى أن وجدت عنوانا ملفتا للانتباه “ للبيع كتاب يوميات “ 

كتاب يوميات ضمن البحث عن كتب السحر ! لا بد وأنها مزحة ولكن فضولي دفعني للدخول إلى الرابط.  تفاجأت بأنه رابط فيسبوك وبدأت أعتقد أن الامر مجرد شخص يستهزء بالموضوع إلى أن فتحت الصفحة وكان قد كتب فيها : 

“ كتاب يوميات للبيع ، أنها ليست يوميات حياتي ،هذه يوميات موتي ، لا أريدكم أن تعرفوا كيف حييت ، بل أريدكم أن تذوقوا كيف مت” 

كان على هذا المنشور أحد عشر تفاعلا ، تسعة منهم كانت أضحكني وفي الحقيقة كنت لأكون العاشر  ولكني شعرت أن كلام هذا الرجل قد لامسني حقا و لم أفكر بالتحدي بيني وبين أصدقائي بل أردت قراءة الكتاب لنفسي. 

لقد كان قد مضى ست أعوام على نشر ذلك المنشور ، تمنيت أن  يكون الكتاب موجودا ولم يتم بيعه بعد ، أرسلت رسالة لصاحب الحساب وأغلقت حاسوبي و قمت لأذهب إلى الجامعة ،  وما هي إلا عشرين ثانية إلى أن وصلني الرد : 

إن كنت تريد اليوميات فأعلم بأن ليس أي أحد يستطيع دفع ثمنها.

في الحقيقة انتابني شعور غريب.

تخيلته شحضا كهلا ذو لحية طويلة يجلس أمام حاسوب قديم ذو شاشة بمدفع الكتروني ينتظر من ست سنين من يراسله ليطلب الكتاب ، ولكن سرعان ما عدت إلى الواقع وتفسيري المنطقي الأسهل “ صدفة “ . 

أردت أن استفزه بردي فأجبته :

 “  سأعطيك ثلاثة أضعاف سعرها ثم سأدعوك إلى الغداء في المطعم الذي تحبه “ 

فأجاب:

 “ أن ثمنها ليس أرضيا ، إن كنت صاحب قلب قوي فوافني إلى الاهرامات “ 

أردت أن أكتب له إني لا أؤمن بكل هذه الخرافات لكن انتظر .. هل قال الاهرامات ؟ يا إلهي ستكون أروع رحلة في هذه السنة 

اتصلت بصديق لي – “سعيد” هو الآخر يشاركني هذه التفسيرات المنطقية و يستهزء بمن يؤمن بتلك الخرافات – أخبرته بإننا ذاهبون إلى مصر لنحضر كتاب عن السحر لنثبت لأصدقائنا أنهم على خطأ فوافق فورا بل وقال : “ سأحجز في  أول رحلة ، هيئ نفسك “ 

عدت إلى حاسوبي لأحصل على رقم صاحب الكتاب حتى نتواصل معه عند وصولنا ، وعندما طلبته منه قال : “ لا داع لذلك ، فقط وافني داخل الاهرامات عند قبر ارخسيس الأول “ 

بدأت حينها أظن أن الأمر مزحة ، قلت له :

وكيف لي أن أدخل الاهرامات ؟ اتظنني رئيس مصر ؟ أم فرعونا عاد إلى الحياة ؟ 

فقال لي بجدية : 

“ قف عند زاوية الهرم الأكبر عند الساعة الرابعة عصرا وارجع مئة خطوة إلى الخلف ثم توجه إلى الشرق تماما و ادخل في قلبك “ 

في الحقيقة لم أفهم معنى الرسالة ، ولم أجد الوقت لأخبره ذلك لأنه وفجأة أغلق حسابه و لم يعد يستقبل الرسائل ، ترددت قليلا ، ثم قلت : حتى وإن لم اجده، إنها مصر !  سأجد الآلاف من الكتب هناك ،  سأعتبرها سياحة 

كانت الساعة السادسة صباحا ، توجهنا إلى المطار وصعدنا في أول طائرة إلى مصر ،  وبعد أن شرحت الموقف لسعيد قال لي أن الأمر كله مزحة لا محال ولكننا سنجرب فلن نخسر شيئا على ما أعتقد .

وصلنا إلى الأهرامات وبالطبع كان يتواجد عليها حراس يمنعوك من الدخول أو العبث .

وقفنا عند زاوية الهرم وبدأنا نعد الخطوات إلى الخلف ثم توجهنا إلى الشرق وبدأنا ننظر ولكن لم نجد شيئا ،  لم يكن هنالك إلا الرمال. 

جلسنا نحاول التفكير و البحث على الانترنت عن لغز مماثل ولكن دون جدوى ، إلى أن ضجر سعيد  وقرر الذهاب ، وما أن مشى عدة خطوات حتى رأيت ظله على الأرض يرسم مثلثا مع ظل الهرم وضلعه فأوقفته على الفور ثم عدت إلى المكان الذي طلب مني الرجل الوقوف به ، ونظرت إلى الشرق فوجدت ظلي يشكل منصفا للمثلث ، وصدري مركز المثلث .

توجهنا إلى تلك النقطة لكن مرة أخرى لم يكن هناك شيء ، وهل حقا فشل علماء الآثار في العثور عليه وسننجح نحن ؟ 

إلى أن قال سعيد :

 “ لقد قال لك الرجل أن تدخل في قلبك ، أظن أن علينا الحفر “ 

بدأنا بالحفر قليلا ، فوجدنا أثر قدم ضخمة محفورة على قطعة من الصخر وكتب تحتها رموز غريبة ، وبعد البحث على الانترنت وجدنا معناها  : 

 “ قبر ارخسيس مروض الشياطين لن يدخل إلا من يريد الدخول “ 

 حسنا لم ترعبنا العبارة بقدر ما أرعبنا وجود ذلك الرجل في قبر الفرعون !  ألم تعد الحدائق العامة تنفع بعد 

الآن ؟ 

حاولنا إزاحة الصخرة للدخول لكن دون جدوى و علمنا أنه لغز أيضا ، فوقف صديقي فوق الصخرة وأغمض عيناه وبدأ يقول “ انا أريد الدخول “ وهنا بدأت أعتقد أنه قد جن ، ألم تقل أن هذه خرافات ؟ 

فقال :” حسنا أنا أجرب فقط” 

جلسنا نفكر في طريقة الدخول إلى القبر ، قمنا بتجربة كل الطرق ، من الخيالية إلى الواقعية لكن دون جدوى ، حتى وصلت بنا الحال إلى أن نطرق على الصخرة ونطلب الدخول ، 

وقبل أن نيأس بلحظات قلت له : 

“ لقد كتب أنه سيدخل من يريد الدخول ، إذا سأتصرف وكأني أدخل حقا” 

وقفت في بداية الصخرة وبدأت امشي بخط مستقيم ، وما أن وصلت إلى نهاية الصخرة ، حتى هبطت إلى 

الأسفل وكشف عن باب سري .

 ذهلنا لذلك المظهر ! فالغرفة في الأسفل مضاءة بضوء خفيف !  بدأ شعور الخوف بالوصول إلى سعيد فقلت له : 

“أن الرجل الذي سنأخذ منه الكتاب هنا ، لا بد وأنه من أحضر الضوء” 

دخلنا إلى القبر ، لكن لم يكن هنالك أي تماثيل أو ذهب لم يكن في القبر إلا نحن والضريح وفوقه صندوق صغير!  وعندما اقتربنا منه وجدنا ورقة فوقها بعض الكتب وفجأة سمعنا صوت يقول:

 “بما أنك وصلت إلى هنا ، فيبدو أنك حقا تريد هذا ، تهانينا لقد أصبح ملكك ولكن تأكد من أنك قادر على دفع ثمنه  “ 

أمسكت بذلك الصندوق وشعرت أنه موجود منذ آلاف السنين وقد كتب عليه من الأعلى :

 “ يوميات ارخسيس ، لا أريدكم أن تعرفوا كيف حييت ، بل أريدكم أن تذوقوا كيف مت “ 

لم أعلم إلى الآن ما الثمن ولكن من الواضح أنه ليس المال ، حملت الصندوق وخرجت به من القبر ثم عادت الصخرة لمكانها بعد أن مشينا عليها عكسياً وعادت الرمال لتغطيها من الهواء. 

لم أعد أطيق الانتظار ، فعدت في أول طائرة إلى منزلي واتفقت مع سعيد أن أنهي قراءة الكتاب في هذه الليلة وأن يأتي ليأخذه في الليلة التالية .

جلست في غرفتي وفتحت ذلك الصندوق ، كان يوجد فيه كتاب غلافه جلدي و قطعة من الطعام يبدو وكأنها تعفنت من السفر ، أمسكت الكتاب وفتحته وبدأت بقراءته ، جاء في أول صفحاته : 

أهلا بك في يومياتي ، أنا لا أريدك أن تعرف كيف حييت ، بل أريدك أن تشعر كيف كنت أموت. 

حسنا أقسم إني فهمت ! 

إن ثمن هذا الكتاب باهظ جدا ، فهو لن ينقص من مالك ،  ولن يأخذ من وقتك أطول من وقت قراءتك هذه الصفحة ، ولكن سيأخذ من عمرك ثلاثمئة وخمس وستين يوما ويعيدهم لك في الغد 

لازال بإمكانك التراجع ، هل أنت متأكد من أنك تريد القيام بهذا ؟

قلت في نفسي ساخرا :

“ يا لسخافة هذه المقدمة ، أهكذا أصبح الرعب الآن ؟  نعم متأكد ما التالي ؟ “ 

قلبت تلك الصفحة وكانت الصفحة التي تليها قد كتب عليها : 

“ يبدو أنك صاحب قلب قوي ،  ولكن عليك الالتزام بشروطي ، أولا تناول قضمة من الشطيرة التي في العلبة لتعرف طعم ما ستذوقه في الايام القادمة “ 

أمسكت تلك الشطيرة وقلت في نفسي حسنا سأتماشى مع هذا الكتاب فقط لأثبت لهم أن هذه عبارة عن قصص خرافية ، وما أن وضعتها في فمي حتى شعرت بتلك النكهة الغريبة ، لا يمكنني وصفها إلا انها نكهة الموت ، بصقت ما علق منها في فمي .

ولم أترك شتيمة لم استعملها !  ثم عدت إلى الكتاب ضجراً مما حدث وقرأت الصفحة التالية : 

“ الآن لقد دخلت إلى عالمي ، أنا واثق من أنك ستندم غدا ولكن لا تقلق ، ستكون أطول أقصر ثلاثمئة يوم في حياتك اقلب الصفحة لنبدأ “ 

قلت في نفسي :

 “ سأقتل هذا الكاتب حتماً ..” 

قلبت تلك الصفحة فإذا بالتي بعدها بيضاء فارغة ! 

قلبت التي بعدها وكانت فارغة أيضا عدا أرقام صغيرة في الأعلى بدأت من 1 

قلبت صفحات الكتاب وإذا بها بيضاء جميعها لا يوجد فيها إلا رقم صغير أعلاها  

أغلقت الكتاب وقلت في نفسي لا بد وإني مرهق جدا وأتخيل هذا ، عدا عن إني أشعر بدوار شديد 

أظن أن تلك الشطيرة قد أثرت علي، سأنام اليوم وسأبدأ بقرائته غداً

وما أن وضعت رأسي على الوسادة حتى شعرت براحة كبيرة ، ثم بدأت أفقد الشعور بجسدي وكأنني أطير ، لا أظن أن هنالك شيء أجمل من الراحة بعد التعب ، إلى أن ايقظني صوت غريب يشبه طرق باب مرة واحدة فقط فتحت فيها عيناي .

بدأت أنظر حولي ، وكان كل شيء عادياً إلى أن رأيت الكتاب مفتوحاً على الطاولة ، شعرت بقشعريرة وخوف شديد دب في قلبي ، أنا متأكد من أني أغلقته قبل أن أنام ! قمت إليه وإذ به مفتوح على آخر صفحة عليها وأنا متأكد إني كنت اقلب في الصفحات البيضاء ولم أصل إلى آخر صفحة ،نظرت بتفاجأ وقرأت آخر جملة فيها : 

“ اقلب الصفحة لنبدأ” 

قلبت الصفحة وصعقت عندما رأيت الصفحة رقم 1 قد أصبح عليها كتابات ، قلبت الصفحات 2 و3 و.. ولكن كانت كلها فارغة ، 

عدت إلى الصفحة وكان قد ظهر عنوانها : 

أهلا بك في ثلاثمئة وخمس وستين يوما في الجحيم . 

ولم تمض ثانية على قرائتي للعنوان إلى أن أمسك بي شيء ما من خلفي وعندما استدرت لأراه كان أخي الصغير ولكن بهيئة مخيفة لدرجة أنها قد تصرع رجلا لمجرد النظر إليه ، لم أعلم أني بللت ملابسي أو لا ، لكنه سرعان ما أمسك برأسي وطار بي خارج المنزل لأرى اصدقائي وعائلتي مجتمعين في الخارج بأشكال غريبة وكأنهم يشتعلون ناراً ، كان كل شيء أحمر اللون وكأني في الجحيم حقا ،  كانوا يرقصون على أنغام غريبة و يهتفون "ارمه " 

حلق بي حولهم وقال لي :

 " يالك من وليمة لذيذة " 

ثم ألقى بي فوقهم ، بدأت اهبط إليهم وأنا اتمنى الموت قبل أن أصل ، ثم أغمضت عيني واستيقظت مرتعبا فأجد نفسي في السرير على نفس صوت الطرق ، فتحت عيني ونظرت مباشرة إلى الكتاب ، كان مفتوحاً أيضاً ، نهضت إليه وإذا بالصفحة رقم 1 قد كتب عليها :

أهلا بك في ثلاثمئة وخمس وستين يوما في الجحيم .

  لا تثق بأقرب الناس إليك فهم من يقتلوك دائماً ، وإن لم يلقوا بك في الجحيم فيسقتلوك بطريقة أخرى  ،  أتمنى لو أستطيع أن أخبرك أنه بإمكانك التراجع ، ولكن لسوء حظك لقد كان البارحة أفضل يوم في سنتك هذه، أما الآن فماذا ينتظرك في الصفحة التالية 

نظرت إلى الصفحة الثانية وكان عنوانها “ القفز أو الشيطان “ 

يتبع ..

تعليقات