#ضد_مجهول.
أصعب شعور في الدنيا أن تفتح عينيك على خبر مفارقة شخص عزيز عليك الحياة ، وحادثة وفاة نجمة كانت بمثابة صدمة كبيرة على الجميع ، عندما وجدوا جثتها في منتصف الغرفة ، وفي يدها كوب القهوة ، الذي كان متناثراً في كل مكان عندما وقع في يدها .
هنا أثبت التقرير الطبي الشرعي أن الوفاة كانت نتيجة سكتة قلبية ناجمة عن حالة خوف قوية ، هنا أمنت وصدقت مقولة " الخوف يقتل أحياناً " وها هو الخوف قتل شخصاً ، وفقدانه للأبد .
ولكن ما الذي أخاف نجمة حتى تأثرت إلى درجة الموت ؟؟؟
استيقظت صباحاً على خبر وفاتها ، لم أصدق ما سمعت ، ركضت أنا و والدتي مثل المجانين ، ذهبنا إلى منزل نجمة وأنا في حالة صدمة كبيرة ، و أسال في نفسي ، كيف ماتت ؟؟! نجمة !! لا مستحيل ، نجمة لم تمت ..
يبدو أني نسيت أن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ، وصلنا المنزل ورائحة الموت و الحزن يعشعش في كل زوايا المنزل ، أديت بواجبي تجاه عائلة نجمة الذين كانوا يعتبروني بمقامها ، ثم جلست في أحد الأماكن لألمح ضوء تحت الأريكة في الجهة المقابلة ، اقتربت لأتاكد من مصدر الضوء ، فإذ به هاتف نجمة ، أبقيت الأمر سراً ، وانتابني فضول قوي زاد إصراري على أخذ الهاتف دون علم أحد ، بقيت أراقب الوضع العام ، حتى أتت اللحظة المناسبة لأخذ الهاتف ، وفعلاً استغليت الوضع وأخذته .
انتظرت حتى حان الليل ، ذهبت المنزل والهاتف في جيبي ، و الفضول يدفعني بقوة لمعرفة ما بداخله من محادثات أو أي دليل إضافي يوصلني إلى الحقيقة وراء قتل نجمة ، لأني لم اقتنع بسبب وفاتها ، ولربما أدركت سبب خوفها الشديد الذي وصل إلى درجة الموت ؟!!.
استطعت فتح قفل الهاتف ، وبدأت بالبحث في المحادثات ، كانت محادثات عادية مع بعض الصديقات ، لم ألمح شيئاً غريباً على الاطلاق ، حتى بحثت في الصور لم أجد شيئاً غير عادي ، ثم رأيت برنامجاً غريباً تستخدمه نجمة ، وهو برنامج تسجيل المكالمات ، ولكن قبل أن أفتح التسجيلات ، كان يجب أن أنظر إلى قائمة سجل المكالمات لمعرفة أخر شخص تواصل مع نجمة ، كان والدها ...
كانت نجمة وحيدة في المنزل في ليلة وفاتها ، هذا ما سمعته من عائلة نجمة ، وهذا ما أكده أخر مكالمة بينها وبين قسورة !!
قسورة كان شاب معجب بها وهي معجبة به ، والذي لفت انتباه نجمة به أنه شاب هادئ جداً ، يحب البقاء وحده دائماً ، والمشي وحده ، وغالباً ما يرتدي الأسود والألوان الغامقة ، ولا يحدث أحداً غير نجمة ...
سمعت أخر مكالمة بينهما على الرغم من أن الاسم غير محفوظ على الهاتف .
نجمة : مرحبا
قسورة : أهلا ،كيف حالك ؟!
نجمة : أنا بخير و أنت كيف حالك ؟!
قسورة : أنا بخير أيضاً ، هل خرجوا عائلتك من المنزل ؟؟
نجمة : كيف علمت أنهم خرجوا ؟؟!!
قسورة: توقعت ذلك ، لإنك رفعت الهاتف فوراً و تحدثت بصوت عالي على غير العادة .
نجمه : ااه .. خرجوا .. وها أنا ذاهبة إلى المطبخ لأحضر القهوة .
قسورة : صحة و ألف هنا .
نجمة: على قلبك ااه .. حدثني كيف دراس...
سكتت فجأة ولم تكمل حديثها !! ماذا حدث ؟؟!!
قسورة: لماذا اختفى صوتك ؟!
نجمة : لا لا ... لا أعلم دخلت المطبخ و أنا أنظر إلى الخارج من النافذة ، رأيت شيئاً ظهر واختفى فجأة في الغابة التي تقع خلف منزلنا ، لا بد من أنه كلب أو شيء أخر ... لا تخف ليس هناك شيء ، إذاً أخبرني كيف دراستك ؟؟
قسورة : جيدة .. لكني قلقت عليك ..
نجمة : لا اطمئن لا يوجد شيء ، ولكن الجو بارد اليوم صحيح ؟
قسورة : عن اي برد تتحدثين ، نحن في فصل الصيف والجو حار..
نجمة : لا أعلم .. أشعر أن هناك شيء سيحدث في هذه الليلة ، لا يجب أن أكون لوحدي ، هناك أشياء غريبة والجو بارد جداً .
قسورة : هل أتي إليك ، سأتجول حول المنزل لتطمئني ؟!
نجمة : لا لا أنا بخـ..
قسورة : ماذا ؟؟ قولي أي شيء .. هل تشعرين بشيء قريب .. هل رأيت شيئاً ؟!!
نجمة : أسمع أصوات غريبة ، لا أعلم ما هذا الصوت ، إنه كصوت شخص يتعذب أو ربما أحد يضرب ذلك الكلب الصغير ، لا أعلم !
رأت شيء من النافذة مرة أخرى .. هل يعقل أن يكون كلب ؟!!!
قسورة : أنا إلى الطريق نحو منزلك ، سأبقى حول المنزل ، وإذا كان هناك أي شيء سأبعده ، لا تخاف ، أنا قريب منك وسأصل إليك بسرعة ، أبقي معي على الخط ....
نجمة : لا داعي لمجيئك ، لا أعلم ماذا أقول ولكني ازداد خوفاً دقيقة بعد دقيقة ، سأفتح الكاميرا كي أشاهد ما الذي يحصل حول المنزل ، وصدقني لا داعي لمجيئك ...
قسورة :لا لا لن أتركك وحدك الليلة وأنت في هذه الحالة ، كدت أن أصل إليك .
نجمة : غريب ما يحدث ، لماذا ؟ كيف ؟ قسورة .
قسورة : ماذا يحدث يا نجمة ؟؟
نجمة : إن عدسة الكاميرا ليست واضحة ومنهم قد فصل ، هذا يحدث لأول مرة ، لا لااا قد قطع البث من كل الكاميرات ، لماذاا؟!!
قسورة : لا تخافي ، أنا على الطريق ، كدت ان أصل ، هل انتهت من احتساء القهوة ؟
نجمة : الكوب بيدي ، لكن تم فصل كل الكاميرات .
قسورة : أهدئي فحسب ، لربما حدث عطل فيهم ، هذا طبيعي وقد يحدث ، نجمة ! أين أنت ؟! هل تسمعيني ؟؟
نجمة : ها هو أمامي واقف عند النافذة ، أنا أراه ... إنه هو .. أنا أراه ..
قسورة : من هو الواقف عند النافذة ، عن من تتحدثين ! .. قولي بسرعة .
نجمة بصوت مرتجف : هو ... هو يا قسورة ضخم جداً ، لون جلده أقرب للحمي و يداه طويلتان تكاد تلامس الأرض ، عندو مخالب على أصابعه لونهم أحمر ، وأسنانه بارزات ذو لون أصفر ، وعيناه سوداوتان بالكامل دون أي بياض ، ويميل رأسه إلى جانبه ، يشاهدني ويبتسم .
صرخت بأعلى صوت : قسووورة أنه يتقدم نحوي ، ويجر يديه خلفه على الأرض ، وينزل من فمه مادة لزجة سوداء ، لقد اقترب ..اقترب يا قسورة
قسورة : لقد اقتربت منك !!
نجمة :قسورة لقد اختفى الصوت .. اختفى ولكني اسمع صوت خطواته حول المنزل .
قسورة : حسناً .. حسناً ، لقد وصلت إليك !!
نجمة : إني أسمع صوت مخالبه وهو يخرمش على الباب بقوة ، أنا خائفة جداً ، يكاد يقف قلبي من شدة الرعب ، أنه يحاول الدخول !
قسورة: أفتحِ .. أنا عند الباب .
فجأة يختفى صوت كلاهما ، ولكن سمعت صوت أنين مترافقة مع أصوات مخيفة وخرمشات قوية وشهقة قوووية جداً ، كان صوت نجمة رحمها الله .
هنا انتهت المكالمة .
خفت كثيراً بعد سماع هذا التسجيل حتى كاد ينشف الدم في عروقي ، لأنه مخيف حقاً .
ولكن السؤال هنا ؟؟ أين اختفى قسورة ؟؟!!
أخذت رقمه من البرنامج و حفظته على هاتفي الخاص ، لأحدثه ... فعلاً اخترت الرقم وكملته ولكني كنت خائفة و يداي ترتجفان بالكامل و دقات قلبي ترتفع شيئاً فشيئاً ، ولكن الصدمة كانت عندما انتبهت أن الرقم جديد ، كيف جديد وغير مستخدم ؟؟؟ وكانت نجمة تحدثه دائماً على هذا الرقم ...
كأن هناك شيء مبهم في الأمر ، قررت أن أذهب إلى مكان المحاضرة التي كانوا يأخذونها هو ونجمة لأسال عنه ...
في اليوم التالي ، ذهبت إلى الجامعة و دخلت إلى القاعة التي كانوا يأخذون المحاضرة بها ، وبدأت بسؤال الفتيات عنه وعن اسمه ، استغربت كثيراً بأن لا أحد يعرفه ولم يرى أحد شخصاً بنفس المواصفات .
قررت أن أحضر هذه المحاضرة على أمل أن يأتي ... ولكن انتهت مدة المحاضرة ولم يأتي قسورة ... بدأ الدكتور يتأكد من الحضور والغياب ، هنا كانت اللحظة الذي سأتاكد منها ، هل هو موجود حقاً أو لا ؟...
لكن للأسف ما يكن اسمه في القائمة ، مع إني متأكد مليون في المئة أن هذه هي القاعة التي يأخذون بها المحاضرة سوية ...
خرجت من القاعة ... وقد زاد الموضوع تعقيداً ، شعرت لحظتها إني ابحث عن شخص لا وجود له في الواقع ، ومازال الهاتف في جيبي ، فتحته وبدأت ابحث عن أي أثر أو دليل أخر يوصلني إليه ،
ولكن دون جدوى ، ركبت الباص وانا شاردة الذهن تماماً وأفكر بكل ما حدث ، قررت أن استجمع قواي وأسمع التسجيلات مرة أخرى على أمل أن استدل على دليل لأصل إلى مكانه ، وهنا كانت الصدمة الكبرى ... اختفت كل التسجيلات على هاتف نجمة فجأة ، في نفس اللحظة تتصل والدة نجمة بي ، لتسأل عن هاتفها ، وأخبرتها إني أخذته في وقت العزاء عند الازدحام خوفاً من أن يقع بين أيدي الأطفال ، وهو معي الآن وسأحضره لك حالاً ،
وفعلاً اتجهت إلى منزل نجمة وأعطيت الهاتف لوالدتها ، وخرجت ...
وأغلق ملف قضية قتل نجمة ، مثل ما تم إغلاق الكثير من الملفات مجهولة السبب ...
تعليقات
إرسال تعليق