العلاج النفسي قديمًا لم يكن علاج بل كان نوعًا من العذاب أو الجنون، كان الأطباء يستخدمون المرضى كأدوات تجارب، كما لم يكن هناك أي نوع من الإنسانية.
بداية العلاج النفسي لم تكن على حالها مثل الآن، بل كان قديمًا يُعد واحد من أصعب وأغرب العلاجات التي من الممكن أن يتعرض لها المريض.
وكانت هذه العلاجات تصل إلى الوحشية والقسوة، وكانت المصحات العقلية في يوم من الأيام أحد أكبر الأماكن الغير مرغوب فيها على الإطلاق أكثر من السجن، وذلك لِما كان يحدث في هذه الأماكن بالنسبة للمرضى.
أيضًا كانوا المرضى النفسيين عبارة عن فئران التجارب العلمية لفترة زمنية كبيرة، مما أدى إلى حدوث مشاكل كبيرة في صحة هؤلاء المرضى وفي أجسادهم وفي عقولهم، وبعضهم أو الكثير منهم كانوا يقتلون أنفسهم وآخرين كانوا يضربون الآخرين، وكان الأمر وحشي بطريقة كبيرة.
إراقة سوائل الجسم أو (الفصد)
الفصد أو إراقة سوائل الجسم كان من أحد أغرب وأبشع طرق العلاج النفسي قديمًا، وذلك لأن هذه الطريقة التي تعتمد على فكرة أن يتم تصفية جسم الإنسان المصاب بأي مرض نفسي من المواد الأربعة التي كانوا يعتقدون قديمًا أنها تكون جسم الإنسان.
وهذه المواد هي “الدم والمادة الصفراء والمادة السوداء والبلغم”، وبما أن هذه المواد كانت موجودة حسب اعتقادهم في الجسم، فإن كثرتها تسبب الأمراض النفسية حسب معتقداتهم، ولذلك كان يتم العلاج عن طريق قطع أحد أوردة المريض ويخرج الدم الزائد من جسم المريض حسب مكانه.
حتى يتم تصفية الدماء إلى حد كبير، ويصاب المريض بانخفاض ضغط الدم وأنيميا حادة، وقد كانوا أحيانا يفعلون ذلك مع المصابون بالمس الشيطاني، ومن أشهر الناس الذين تم تجربة هذه الكارثة عليهم هو الموسيقار الشهير “موزارت”.
وكان هذا الفصد وعوامل أخرى سببًا رئيسيًا في وفاته، وأيضا قرر الأطباء إخراج السوائل من جسم الشاعر الألماني فريدريتش والبرين، بسبب أنه كان مريضًا نفسيًا في أخر أيامه، فتم شق جبينه لتخرج المادة الصفراء من رأسه.
العلاج النفسي بثقب الجمجمة
ثقب الجمجمة هو أحد الطرق الغريبة جدًا الذي كانوا يستخدمونها قديمًا لنوعين من العلاج، النوع الأول كانوا يعالجون به المس الشيطاني، إذ كانوا يعتقدون أن ثقب الجمجمة في هذا المكان يُخرج منه الجن أو الشيطان الذي يؤثر على المريض.
أما النوع الثاني من العلاج فهو كان العلاج النفسي، حيث كان للناس الذين كانوا يُعانون من مشاكل نفسية، فكانوا يرون أن فكرة حفر الجمجمة بالسكين هي لتقليل الضغط على العقل والدماغ، مما يسبب نوع من الراحة للمريض.
الغريب أنها كانت أحيانا ذو فائدة، ولكن بالطبع هذا الحل للمشكلة لا يصلح الآن، لأن هناك العديد من البدائل العلمية الجديدة التي تصلح لعلاج الأمراض النفسية.
الغريب أن على المواقع الإلكترونية هناك إحصائية تقول إن هناك أكثر من 450 عملية ثقب الجمجمة عبر التاريخ، والغريب أن هذه العمليات كانت تُجرى حتى وقت قريب. أيضًا تكلمت الكثير من المراجع التاريخية عن هذه العملية، وكيف كانت منتشرة في كل الحضارات القديمة بدون استثناء.
ولا أحد يعرف السبب الحقيقي، هل كانت فعلًا عملية علاجية أم كانت مجرد طقوس سحرية.
أرجوحة كوكس
اخترعت أرجوحة كوكس عن طريق الطبيب الإنجليزي “جوزيف كوكس”، وهي تُعتبر إحدى طرق العلاج النفسي الغريبة التي كانوا يستخدمونها قديمًا.
حيث يتم تدوير المريض من خلالها حول نفسه، بينما يكون هو في الهواء معلق بهذه الأرجوحة ويتم أرجحته في نفس الوقت الذي يدور فيه حول نفسه، الأعراض الناتجة عن هذه العملية الصعبة هي الدوار والتقيؤ والغثيان، وأيضا الرهاب من هذه العملية وتكرارها في المستقبل.
وكان الهدف الرئيسي من وراء عمل هذه التجربة على المرضى هي أن الدكتور جوزيف كان يريد أن يسيطر على المرضى، وأن يجعلهم قابلين للنقاش وهذا يشبه في العصر الحالي أسلوب يدعى الإيهام بالغرق.
قطع الفص الجبهي
في منتصف القرن العشرين كانت هذه الطريقة أحد أغرب أنواع العلاج النفسي، وكان ينتج عنها نتائج غير متوقعة وشديدة الخطورة على المرضى.
غير أنها تعد عملية غير أدمية يفصل الإنسان عن الواقع، ومن قام بنشر هذه الطريقة هو الدكتور الأمريكي والتر فريمان، والذي وجد طريقة سهلة جدًا لهذه العملية بأقل جهد من فرط هوسه بها.
حيث يقوم الطبيب بجلب أداة حادة معدنية ثم يضعها أسفل الحاجب وأعلى جفن المريض، ويمر بها من خلال مقلة العين إلى التجويف العظمى في الجمجمة.
بعدها يتحسس طريقه بالأدوات الحادة داخل عقل المريض حتى يفقد المريض وعيه تمامًا، وكانت الآثار الجانبية التي تنتج عن هذه العملية عبارة عن تجمعات دموية على مقلة العين، وأيضًا العرض الأكثر خطورة وهو الانفصال التام عن الواقع بحيث يكون الإنسان تقريبًا غير واعي ولكنه حي، يأكل ويشرب ولكنه لا يعلم.
بذلك فقد إنسانيته وعقله وتفكيره، شارد بدون أي وجهة أو رأي أو تواصل حي مع الآخرين، كان الغرض الأساسي من هذه العملية هي السيطرة على أعداد المرضى العقليين في المصحة العقلية، أيضًا السيطرة على المرضى العنيفين، والذين يستخدمون القوة والضرب في التعامل مع الآخرين، هذا الطبيب وحده عمل أكثر من ثلاث ألاف عملية من هذا النوع.
العلاج النفسي بالصدمات الكهربائية
قد يكون العلاج بالصدمات الكهربائية معتادين عليه، وذلك بسبب الأفلام والمسلسلات التي عرضت الموضوع، ولكنه في الحقيقة هو من أخطر أنواع العلاج النفسي وهو في العادة لا يُستخدم إلا بطريقة محدودة جدًا، وهذا بسبب أن له العديد من الآثار الجانبية السيئة.
أهمها فقدان الذاكرة والصداع المزمن وعدم التوازن وزيادة الأعراض النفسية سوء، كان السبب الرئيسي غير ملائم لهذا العلاج مما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، ولكنهم قديمًا كانوا يؤمنون بهذا العلاج بطريقة مثيرة للاشمئزاز، حتى منتصف القرن العشرين كان هذا النوع من العلاج منتشر جدًا.
الوقت الراهن تم منع حدوث هذا النوع من العلاج لأنه يعتبر تعذيب وليس علاج عقلي، وإن احتاج المريض إلى صدمات كهربائية عقلية، فهناك أجهزة حديثة وتكون محددة النبضات الكهربائية التي يحتاجها المريض، وليس مثل ما كان يحدث قديمًا، حيث يوضع المريض تحت تيار كهربائي ويظل فترة زمنية يعاني أشد العناء حتى يفقد وعيه، وأحيانًا يموت.
العلاج بالأنسولين الزائد
العلاج النفسي بصدمات الأنسولين كان أحد أغرب أنواع العلاجات النفسية في تاريخ الطب، وذلك لعدم وجود أي علاقة طبية أو نفسية من خلال تأثير الأنسولين على عقل الإنسان، ولكن الدكتور “مانفريد ساكيل” كان يحقن المريض بجرعة زائدة من الأنسولين حتى يصل إلى مرحلة الإغماء لفترة طويلة لاعتقاده أن بعد هذه يعود كما كان صحيح نفسيًا وجسديًا.
العلاج بالصدمات المائية
العلاج النفسي بالصدمات المائية كان من أسوء وأبشع أنواع التعذيب في المصحات النفسية، وذلك كان يحدث تحت راية العلاج النفسي، ويتم حدوث هذا النوع من العلاج عن طريق ربط المريض في أحد الأعمدة، ومن ثم دفعه بكمية كبيرة جدًا من الماء المثلج.
ثم مرة أخرى وهكذا لمدة كبيرة، وكان هذا يجعل المجنون أكثر جنونًا حتى يفقد الوعي تمامًا، وبهذه الطريقة كانوا يعتقدون أنهم يمتصون الجنون من المريض ويخرجونه.
الحرمان من النوم
في مستشفى يدعى “كارميلو”، كان الحرمان من النوم واحد من أسوأ أنواع العلاج النفسي في تاريخ المصحات النفسية، وكان الغرض الأساسي هو تنظيم حركة النوم لدى المقيمين في المصحة، وذلك بسبب كثرة عدد المرضى مما أدى إلى أن أصحاب المصحة قرروا أن يتم تبديل بين دفعة من المرضى تذهب إلى النوم ودفعة أخرى تظل مستيقظة في مكان آخر.
وكانوا يعتقدون أن الحرمان من النوم يحسن من صحة المريض النفسية حسب قولهم. ولكن في الحقيقة أن حالات الاكتئاب جزء كبير منها هو بسبب عدم النوم.
استئصال الأعضاء
كان يعتقد الطبيب “هنري كولت” أن “استئصال بعض الأعضاء يؤدي إلى الهدوء النفسي، أو بعض الأمراض النفسية يكون سببها عضوي”.
مما يجعل الحل في استئصال بعض الأعضاء البشرية، ولكن هذه الطريقة سرعان ما تلاشت، وهذا بسبب حالات الوفاة الكثيرة التي حدثت بسبب هذا الاعتقاد الخاطئ في القرن العشرين.
العديد من طرق العلاج النفسي الغريبة كفيلة أن تكون مؤذية، ولذلك يجب على الناس عمومًا أن يتعاملوا مع المرضى النفسيين بطريقة محترمة وإنسانية، فهؤلاء الناس لم يختاروا معناتهم.
وهناك نوع من الأمراض يكون عضوي ويصيب العقل، ولذلك يحدث رد فعل غير سوي من الإنسان بسبب أن العقل هو المتحكم الأول في أفعال البشر، والعلاج يجب أن يكون آدمي ومدروس بعناية.
تعليقات
إرسال تعليق